العنوان.................؟
لم يكن لدى أم صلاح سوى القليل من المال الذي كانت قد ادخرت طوال السنوات الصعاب، فقد عملت كخادمة منزل لتأمين الأكل والشراب لابنها، علّمت تلك الأوقات الصعبة أمّ صلاح أن لا شيء يأتي مجانا!! ولهذا السّبب حرصت على أن يحصل ابنها على أفضل تعليم وهذا لكي يحصل على مستقبل ناجح. فجعلته يؤمن بالله وبقدرته على تغيير الأحوال إلى الأحسن،ثمّ الإيمان بنفسه والطّموح لغد أفضل. فكانت تدفعه وتحفّزه على الدّراسة بالرّغم من قساوة الحال فملابسه الرّثة وحذاؤه الممزّق كانا سببا كافياً لكي لا يذهب للمدرسة
مع مرور الزّمن، تخرّج "صلاح" بدرجة امتياز وكان الأول في دفعته. كانت والدته فخورة به لدرجة أن بكت من شدّة الفرح. مرّت الأيام وكان "صلاح" قد وجد وظيفة جدّ محترمة، جمع ما يكفي من المال وقرّر أن يفاجئ أمّه بأجمل منزل يتمتّع بإطلالة مثالية على غروب الشّمس. كانت أمّ صلاح فخورة وسعيدة بابنها، فبعد أن توفيّ زوجها حرصت على أن تربّي ابنهما أحسن تربية وها هي اليوم تحصد ثمار مبادئها
"ليس في الدّنيا من البهجة والسّرور مقدار ما تحس به الأم من نجاح ابنها"
الأمّ : الآن بعد أن كبرتُ، أعتقد أنه يجب أن تجد لنفسك المرأة التي تحترمك وتعاملك جيدا
الابن : هاهاها !! من أين أتتك هذه الفكرة يا أمّي؟
الأمّ : لم أعد قادرة على الاعتناء بك يا بنيّ، ويؤلمني التّفكير في تركك وحيداً، ولهذا يجب أن تتزوج وتحظى بحياة جميلة
!! الابن : لا تقولي هذا يا أمّي، فحياتي أجمل وأنت بجانبي. أعدك ألّا أتخلّى عنك أبدا
يمرّ الوقت بسرعة ، الأمّ ليست بصحّة جيدة كما كانت، لكنّها سعيدة لأن ابنها يحظى بالحياة التي لطالما أرادته أن يعيشها، فقد التقى بالمرأة التي وقع في حبها وتزوّجا وعاشا مع والدته وأنجبا طفلا لطيفاً
مع مرور الوقت أُصيبت أمّ صلاح بالخرف (النّسيان)، ولم تعد تستطيع التكفّل والاعتناء بنفسها، وبعد أن ضاق ابنها ذرعا من كثرة استياء زوجته منها، قرّر صلاح التّخلص من أمّه المسنّة بوضعها في بيت لرعاية المسنّين، فقد كانت زوجته تتذمّر كل يوم من تلبية حاجياتها، وحرجها من المواقف التي تسبّبها لها أمام صديقاتها في الوقت الذي كان هو منغمساً في عمله
"إذا صغر العالم كلّه، تبقى الأمّ هي الأكبر"
فقام بتحضير ملابس أمّه باكيا لما سيؤول إليه حالها، متناسيا ما قدّمته له من حب وتضحية عندما كانت في صحتها وقوّتها، لكن إلحاح الزّوجة في كل حين أجبره على ما سيقوم به. أخذ صلاح بعض الملابس والطّعام ووضعهم في حقيبة، وحمل معه قطعة كبيرة من القماش لتنام عليها أمّه هناك، وأخذ أمّه متوجها إلى دار الرّعاية. وفي طريقه إلى الخروج من البيت، أوقفه ابنه وأصرّ عليه أن يترك له جزءا من ذلك القماش
: فدفعه ذلك إلى التساؤل
وماذا تريد أن تفعل بهذه القطعة ؟
!! الابن وبكلّ براءة : أريد ان أبقيه لك حتّى تجد ما تنام عليه حين آخذك لدار الرّعاية في كبرك يا أبي
"كما تَدين تُدان"
وقف صلاح متجمّداً في مكانه، وأخذ يفكّر في فعلته المخزية وراح يبكي بكاء شديداً. أين استذكر ما قامت به أمّه من أجله في طفولته وما قدّمته له وكيف أنّها عملت ليلاً ونهاراً لتأمين لقمة العيش له، فطرح الحقيبة أرضاً، وعانق أمّه عناقا طويلاً مليئا بالندم والتّحسّر باكياً مثل الطّفل الصّغير. تعهّد أمام الله ثمّ أمام ابنه برعايتها بنفسه مادام على قيد الحياة
: الأسئلة
أعط عنواناً مناسبا للقصّة-
ما هو الموقف الذي جعل "صلاح" يتراجع عن قراره؟-








